للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأيضا فإن الصلاة عبادة لها تحليل وتحريم، والتحريم بها يتعلق بنوع شرعي، فيجب أن يكون التحليل كذلك؛ أصله الحج.

وأيضا فإن الصلاة عبادة مفروضة متعلقة [بالبدن] (١)، فلا يجوز تعليق التحليل بما يفسدها إذا اعترض في حلالها على طريق النسيان، كالحج لا يجوز أن يقع التحليل منه بالجماع؛ لأنه لو طرأ في خلاله كذلك؛ لأفسده، فكذلك الصلاة لو أحدث في خلالها ناسيا؛ أفسدها، فكذلك لا ينحل منها بتعمد الحدث في خلالها.

فإن قيل: فقد روي في حديث ابن مسعود أن النبي قال: "إذا فعلت هذا فقد قضيت ما عليك، فإن شئت فقم، وإن شئت فاقعد" (٢).

وفي حديث: "فقد تمت صلاتك" (٣)، ولم يذكر له السلام.

قيل: الخبر متروك الظاهر؛ لأنه بنفس القعدة لا يصير خارجا من الصلاة؛ لأن الفساد يطرأ عليه، ألا ترى أنه لو رأى ماء، وكان متيمما، أو طلعت عليه شمس، وهو في الصبح عندكم، أو أحدث ناسيا، أو تكلم ساهيا عندكم؛ لفسدت صلاته في هذا كله (٤)، أو في واحد منه، فدل على أنه لم يقض ما عليه، ولا تمت صلاته حقيقة، فلا يمتنع أن يقول: "فقد تمت


(١) في الأصل: بالبيت.
(٢) تقدم تخريجه (٤/ ٣٧١).
(٣) تقدم تخريجه (٤/ ٣٧١).
(٤) في عشر مسائل أوجب فيها أبو حنيفة السلام فرضا، وأبطل صلاة من وقع له شيء منها وإن قعد مقدار التشهد ما لم يسلم. ذكرها ابن حزم في المحلى (٢/ ٣٠٦ - ٣٠٧) وليس منها الحدث ناسيا والكلام ساهيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>