للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جلوسه] (١)، ويشير بسبابته في التشهد (٢)، فينبغي أن يقدما إلى السجود الذي هو غاية في الخشوع.

فإن قيل: فإن حديث أبي هريرة قد روي عنه أنه قال عن النبي أنه قال: "إذا سجد أحدكم فلا يبرك كبروك البعير، وليضع ركبتيه قبل يديه" (٣).

فقد نقل ما يضاد خبركم، فننظر أي الخبرين أولى من صاحبه، فخبرنا أولى؛ لأنه قال: "لا يبركن كبروك الإبل أو الجمل"، فننظر أي شيء يضع على الأرض أولا، فلا نشك أنه يضع يديه، والنبي قد نهى عن ذلك.

قيل: النبي إنما نهى أن يتشبه به في الصورة والهيئة، فلما كان قيام الجمل على أربع قوائم، فإذا برك انحط قبل طرح صدره إلى الأرض؛ فقيام الإنسان على رجليه كقيام الجمل على قوائمه الأربع، فإذا انحط الإنسان على ركبتيه - قبل طرح جملته -؛ فهو كما ينحط الجمل قبل طرح جملته إلى الأرض (٤).


(١) زيادة ليست في الأصل، والسياق يقتضيها.
(٢) كما في حديث ابن عمر عند مسلم (٥٨٠/ ١١٦).
(٣) أخرجه الطحاوي (١/ ٣٣٠) والبيهقي (٢/ ١٠٠) وابن أبي شيبة (٢٧١٤) وإسناده ضعيف كما قال البيهقي والنووي. انظر المجموع (٤/ ٥٤٩).
(٤) ثم إن الواقع أن البعير إذا برك فإنما يبرك بقوة حتى إن للأرض منه لرجة، وكذلك المصلي إذا سجد على ركبتيه كان لسجوده دوي، لا سيما إذا كان يصلي في مسجد قد بسطت عليه الدفوف الخشبية، وكان المصلون جمعا كثيرا؛ فهناك تسمع لهم لجة شديدة، مما يتنافى مع هيئة الصلاة، وخشوعها، فنهى عن ذلك، وأمر بأن يقدم يديه أولا ليلقى بهما الأرض؛ فيتفادى بذلك الاصطدام بها بركبتيه، كما يفعل الجمل، فهذا وجه المشابهة بين بروك الجمل وبروك المصلي على ركبتيه. قاله الألباني في أصل صفة الصلاة (٢/ ٧٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>