للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من جميع ذلك؛ من تغير لفظ، وزيادة معنى، أو نقصانهما جميعا.

فإن قيل: فقد رأينا القراء اختلفوا؛ فبعضهم ينقص حرفا مما في المصحف، وبعضهم يزيد.

قيل: قد قيل: إن ذلك إنما وقع في المصاحف من اختلاف الخطوط، ولست أقول هذا، ولكني أقول: كل هذا كتب على أصل وضعه عثمان بن عفان والصحابة ، فجوزوا في بعضها نقصان حرف، وفي بعضها زيادة حرف، لتعلموا أن الجميع صحيح، وأنه منزل، ولم يجعلوه في المصاحف كلها على شيء واحد لئلا يسقطوا الآخر الذي قرئ به، لأن كل واحد من القراء يقول: ما قرأت حرفا إلا بأثر.

وأيضا فإننا نقول: إن الله تعالى نزل القرآن معجزا، وإعجازه إما أن يكون بالرسم وما هو عليه من النظم، أو يكون معجزا بما تضمنه من المعاني والأحكام.

فإن كان إعجازه بالنظم والتأليف؛ فهو قولنا، وإن كان إعجازه لما تضمنه من الأحكام والإخبار عما كان؛ فليس هذا بمعجز على ما تقدم ذكرنا له، وأنه لا [يؤخذ الخبر لعلة] (١) إلا في بعض سورة، والأحكام أيضا كسائر كتب الله تعالى المنزلة تتضمن الأحكام والأوامر والنواهي، فثبت أن إعجازه في نظمه وتأليفه، ولهذا تحداهم الله بسورة، ولم يعين فيقول: فاتوا بسورة فيها مثل الخبر عما كان، وفيها حكم من الأحكام، فقال: ﴿فَأْتُوا بِسُورَةٍ﴾ أَي سورة كانت، لأنهم لا يقدرون على مثل نظمه وتأليفه.


(١) هكذا بالأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>