للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جمعهم فاجتمعوا على مصحف واحد بلسان العرب الذي أنزل (١)، وحصروا ألفاظه حتى لا يتغير منها شيء، فلو جاز أن يقرأ بسائر اللغات؛ لم يكن لجمعهم على مصحف واحد ليشمل على لغة واحدة معنى.

ولأنه إذا منع العرب العاربة التي أنزل القرآن بلسانها من تغيير شيء من ألفاظه؛ (٣٥٤) كان منع العجم من تغيير جميعه أولى؛ وإلا بطلت الفائدة.

فإن قيل: فإنما جمعهم على ذلك لئلا يزاد فيه أو ينقص منه، فيتطرق الملحدون إلى ذلك وإلى تغيير معانيه.

قيل: الجواب عن ذلك من وجوه:

أحدها: أن الله تعالى قد حرسه من هذا وحفظه فقال: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (٢)، وما حفظه الله تعالى لا يجوز هذا عليه.

وجواب آخر: وهو أن الزيادة لا [تتقبل قرآنا] (٣) دون أن يتواتر عليها، والتواتر محروس.

وجواب آخر: أن هذا حجة عليهم؛ لأنه إذا حرسه عثمان من زيادة إما في لفظ وإما في معنى؛ فحراسته من تغيير جميع ألفاظه أولى؛ لأن تغيير لفظه فيه أسهل من إسقاط لألفاظه كلها، وإدخال ألفاظ أخر لعلها تزيد على ما أسقط من ألفاظه.

وجواب آخر: وهو أننا نقول لهم: إن عثمان والصحابة حرسوه


(١) أخرجه البخاري (٤٩٨٧).
(٢) سورة الحجر، الآية (٩).
(٣) كلمتان لم أتبينهما من الأصل، وما أثبته أقرب إلى رسمهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>