للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تنقصه من صلاتك" (١).

فهذا يدل على صحة الصلاة؛ لأنه لم يقل: فإنك تبطل به صلاتك، فعلمنا أنه أراد التعظيم، وهو يحصل بأي لغة كانت.

قيل: حقيقة النقصان يقتضي فساد الصلاة، فلا فرق بين أن يقول له: وما تنقصه فإن النقصان تبطل به صلاتك، وبين قوله: فإنما تنقصه صلاتك.

فإن قيل: فإن قوله تعالى: ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾ فيه إضمار، ومعناه من بلغه، أو "من بلغه القرآن" (٢).

ومن بلغه الشيء؛ فإنما يبلغه بأن يصل إليه ويعرف ما فيه، وأما إذا لم يعرف فلا يقال بلغه، ونحن نعلم أن العجم وغيرهم من أهل اللغات لا يعرفون القرآن، وإنما يعرفونه إذا فسر لهم بلسانهم، فثبت أنهم إذا عرفوه بالتفسير؛ فقد بلغهم القرآن، وصار ذلك قرآنا.

قيل: أما ما ذكرت من الإضمار؛ فيحتمل أن يعود إلى النبي ، فيكون تقديره: "لأنذركم به ومن بلغه خبري وأني قد ظهرت"، وقد يكون إنذار من بحضرته بأن يعلمهم ما نزل عليه من القرآن، ويتلوه عليهم، ومن غاب عنه من العرب كذلك، وأما العجم فيكون إنذارهم بأن يعلموا أن هذا النبي الذي قد ظهر قد أتى بشيء يسمى قرآنا، وهو كلام منظوم مؤلف، بلغة العرب الذين عادتهم ذلك، وأنه قد أبهرهم وأعجزهم، فتعلَّموه أنتم أيضا من لسانكم حتى تعلموه وتعرفوه وتقفوا على معانيه، فأنتم إذا تعلَّمتموه فهمتموه،


(١) تقدم تخريجه (٤/ ٣٧١).
(٢) انظر تفسير ابن جرير (٤/ ٣١٤٦ - ٣١٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>