للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قيل: فقد روي في خبر معاوية بن الحكم أنه لما شمت العاطس في صلاته قال : "إن صلاتنا لا يصلح فيها شيء من كلام الآدميين، إنما هي تسبيح وقراءة القرآن" (١).

فقوله: "لا يصلح فيها شيء من كلام الناس"؛ لا يخلو من أن يريد به جنس الكلام، أو ما يخاطب الناس بينهم به في العادة، ولا يجوز أن يريد الأول؛ لأن ما جميع يرد في الصلاة من الأذكار هو من جنس كلام الناس، فبقي أن يكون المراد ما يتخاطبون به في العادة، وهذا يمنع فعل الدعاء بهذا الجنس.

قيل: ليس هذا من كلام الآدميين المعهود؛ لأن كلام الآدميين المخاطبة المعروفة فيما بينهم، فأما هذا؛ فليس من كلام الآدميين فيما بينهم في شيء، وإنما هو ذكر ودعاء، وهو مرتب في الخبر على قوله : "إنما هي ذكر وتسبيح وقراءة القرآن" (٢)، ومحمول على ما يتخاطب الناس بينهم بالدلائل التي ذكرناها.

فإن قيل: فإن معاوية بن الحكم لما شمت العاطس قال: "يرحمك الله" على وجه المخاطبة، خرج نهيه على ذلك وإن كان دعاء في نفسه، فبان أن ما وقع على وجه ما يتخاطب به الناس منهي عنه في حال الصلاة.

قيل: هذا وشبهه نحن لا نجيزه، وهو أن يوجه دعاء إلى إنسان يخاطبه به في الصلاة، وكأنه جواب لإنسان على شيء كان منه، فأما أن يدعو لنفسه


(١) تقدم تخريجه (٤/ ٢٣٠).
(٢) تقدم تخريجه (٤/ ٢٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>