للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولغيره ابتداء، من غير مقابلة لإنسان، وأن يخاطبه به حتى يقتضي منه جوابا عليه؛ فلا (١)، فصار قوله: "لا يصلح فيها شيء من خطاب الناس" (٢) متوجها إلى هذا، أي لا يخاطب الناس في الصلاة.

وقوله: "إنما هي ذكر ودعاء"؛ مصروف إلى الدعاء الذي لا يخاطب به الناس، فبان بذلك صحة قولنا.

فإن قيل: فإن أذكار الصلاة تنفصل من غيرها لوقوعها على وجه لا يتخاطب به في العادة، ألا ترى أنه لو خاطب غيره فقال: ﴿وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً﴾ (٣) فسدت صلاته، وكذلك لو قال: ﴿يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ﴾ (٤).

وإذا كان كذلك؛ وجب أن يجعل ما هو من جنسه مؤثرا في الصلاة.

قيل: هذا يلزمكم مثله في أدعية القرآن لو صرفها في الصلاة إلى خطاب مخاطب له؛ لم يصح، وفسدت صلاته، ولو دعا بها مبتدئا لا مخاطبة لمخاطب؛ لجاز، وكذلك ما نقوله نحن من الدعاء بما ليس في القرآن.

على أن التسبيح في الصلاة إشارة إلى إنسان لا يفسد الصلاة، فلو قرأ القرآن أشار به إلى إنسان؛ لم تفسد صلاته، إلا أن يكثر فيقصد به الحديث الطويل فلا يجوز.


(١) هكذا بالعبارة بالأصل، ولعل صوابها: فلا بأس به، أو فلا يدخل في المنع.
(٢) تقدم تخريجه (٤/ ٢٣٠)، بلفظ: من كلام الناس.
(٣) سورة النحل، الآية (٨).
(٤) سورة مريم، الآية (١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>