قيل: قد تقدم قولنا أن الاستحاضة ليست حدثا، وأنها لا تمنع من ابتداء الدخول في الصلاة ولا من المضي فيها، والحدث يمنع من الابتداء، ويمنع من المضي، فلما كان ما يغاير الابتداء منع من البقاء عليها كتعمد الحدث، فحصل من هذا معارضة في الأصل ورد إلى أصل آخر وهو حدث العمد، ولا يلزمنا نحن إذا رأى في ثوبه نجاسة في الصلاة؛ لأننا نقول: إنه ليس بحدث، فإذا انصرف لإزالته؛ استأنف (٣٦٨) الصلاة ولم يبن.
فإن قيل: فإن النوم يمنع من ابتداء الدخول في الصلاة، ولا يمنع من المضي فيها إذا طرأ في خلالها.
قيل: النوم ليس بحدث، وإنما هو سبب، فإن منعناه ابتداء الصلاة؛ فإنما نمنعه لأنه لا تحصل منه النية وتكبيرة الإحرام، وإن طرأ في خلالها؛ فإنما تبطل على وجه، ولا تبطل على وجه؛ إن نام راكعا أو ساجدا؛ بطلت، وإن كان جالسا؛ لم تبطل إلا أن يطول (١)، وليس هذا من باب الأحداث في شيء.
فإن قيل: إن تقسيمكم حاله وأنه لا يخلو أن يكون في صلاة أو غير صلاة؛ فعندنا قسم آخر، وهو أنه في حكم الصلاة وإن كان غير فاعل لها، ألا ترى أن الجالس في الصلاة - وهو نائم - في حكم الصلاة وإن كان غير فاعل لها.
قيل: هذا غلط؛ الجالس في الصلاة إذا نام ليس من الفعل؛ لأن الجلوس من فعل الصلاة، فلم يخرج عنه، فإن طال نومه حتى يتجاوز فعل الصلاة؛ بطلت، والمحدث مع انصرافه لا يحصل منه فعل الصلاة، لأن الانصراف