للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صلاته لا تبطل، والعلة فيه أنه تكلم في صلاة ناسيا.

وقد قالوا: إنه لا فرق بين أن يبدره أو ينسى فإنها تبطل، فيعدل عن هذا القياس.

وأيضا فقد قالوا: من سلم من اثنتين واستدبر القبلة ناسيا ثم ذكر؛ فإنه يعود فيبني، وقد فرض عليه التوجه إلى القبلة في جميع صلاته مع القدرة، كما فرض عليه الإمساك عن الكلام فما جاز في أحدهما؛ جاز في الآخر من النسيان.

فإن قيل: فقد قال النبي : "إن صلاتنا لا يصلح فيها شيء من كلام الآدميين" (١)، وحقيقته خبر [يمنع] (٢) وجود صلاة يصح فيها الكلام (٣)، يدل عليه أن الأمة قد فهمت بهذا الخبر بطلان الصلاة بكلام العمد، فعلمنا أن المراد بطلان صلاته، بالكلام فصار ذلك كالمنطوق به، فلا يختلف عمده وسهوه، وهذا اعتبار صحيح.

على أن أصلنا أن الإجماع متى حصل وله أصل في الشرع؛ حمل على أنه صادر عنه.

فالجواب أن هذا الخبر ورد على سبب؛ وذلك أن معاوية بن الحكم شمت إنسانا في صلاته، فقال رسول : "إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس" (٤)، فيجب أن يقتصر به على سببه، ألا ترى أنه تكلم


(١) تقدم تخريجه (٤/ ٢٣٠).
(٢) هذه الكلمة لم تتبين لي من الأصل، وما أثبته قريب منها، ويدل عليه السياق.
(٣) أي كلام الآدميين.
(٤) تقدم تخريجه (٤/ ٢٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>