للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحدهما: أنه لو استحق ذلك؛ لم يكن بالسلاح أولى منه بالمنطقة.

والدليل الآخَر: قول أنس: "فنفله السلاح"، ولو كان يستحقه بالقتل؛ لم يكن عمر منفلا له، فدل على أنه لا يستحق شيئًا منه إلا بأن ينفله الإمام، ويرى رأيه فيه، وهذا كان من عمر بحضرة الصحابة الذين قد غزوا مع رسول الله ، ومع أبي بكر رضوان الله عليه، ومحال أن يذهب عليهم أن السلب يستحقه القاتل والبراء هو الذي قَتل؛ فلا يقول هؤلاء ولا واحد منهم: إن السلب كله يستحق القاتل، فليس لك أن تحبس بعضه وتنفل بعضه، وليس لك أن تنفل ولا تخمس؛ فإن الله تعالى ورسوله قد جعلا جميع ذلك مستحقا للقاتل.

وقد روي أن حبيب بن مسلمة قتل قتيلا وأخذ سلبه، فأراد أبو عبيدة أن يخمسه، فقال حبيب: لا تحرمني رزقا رزقنيه الله، فإن رسول الله جعل السلب للقاتل، فقال له معاذ مهلا يا حبيب! فإني سمعت رسول الله يقول: "إنما للمرء ما طابت به نفس إمامه" (١).

ففي هذا بيان واضح، وذلك أن حبيبا لما قتل القتيل؛ أخذ السلب، واحتج بأن رسول الله جعل ذلك له، فلم يُبطل معاذ قوله إلا بما [سمعه من رسول الله ، فدل على أنه ليس] (٢) كل قاتل يستحقه، وإنما


(١) أخرجه ابن حزم في المحلى (٥/ ٤٠٤ - ٤٠٥) وقال: "هذا خبر سوء كذب بلا شكّ، لأنَّهُ من رواية عمرو بن واقد وهو منكر الحديث كما قال البخاري وغيره. عن موسى بن يسار وقد تركه يحيى القطان، ثم عن مكحول عن جنادة، ومكحول لم يدرك جنادة". قلت: وأخرجه أيضًا الطبراني في الأوسط (٧/ ٢٣) والبيهقي في المعرفة (٩/ ٨) وقال: "وهذا منقطع بين مكحول ومن فوقه، وراويه عن مكحول مجهول، ولا حجة في هذا الإسناد".
(٢) طمس بمقدار سطر، والمثبت من السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>