للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

استحقه قوم جعل النَّبِيّ لهم ذلك بقوله: "من قتل قتيلا فله سلبه" (١)، وحقيقة هذا أنه لمن قد قَتل؛ لأنَّهُ فعل ماض، وليس هو لكل من يقتل في المستأنف؛ لأنَّهُ لو أراد ذلك؛ لكان يقول: "من قتل قتيلا ومن يقتل قتيلا؛ فله سلبه"، فحقيقة قوله: "من قتل" لما مضى وإن كان قد يراد به المستقبل، إلا أن الحقيقة أنه للماضي، فكأنه جعل ذلك لمن حصل منه القتل في ذلك الوقت لرأي رآه، ونستفيد منه أن الإمام إذا أراد ذلك؛ فعله، مع أن معاذا ذكر ما رواه عن النَّبِيّ في وقت التنازع عند استحقاق السلب، فلم ينازعه فيه أحد بعدما ذكره، ولم ينصروا ما قاله حبيب من استعمال ظاهر الحديث.

وأيضا فقد روي أن معاذ بن عفراء ومعاذ بن عمرو قتلا أبا جهل، فأعطى رسول الله سلبه لمعاذ بن عمرو بعد أن تنازعا، فنظر سيفيهما والدم فيهما فقال: "كلاكما قتله" (٢).

فلو كان السلب مستحقا بالقتل؛ لكان يجعله بينهما جميعًا؛ لأنهما اشتركا


(١) أخرجه البخاري (٣١٤١ - ٣١٤٢) ومسلم (١٧٥١).
(٢) أخرجه البخاري (٣١٤١) ومسلم (١٧٥٢/ ٤٢).
تنبيهان: الأول: ورد في البدر المنير (٧/ ٣٤٢) في هذا الحديث: وقضى رسول الله بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح، ومعاذ بن عفراء، وهو خطأ، وإنما أعطى سلبه لمعاذ بن عمرو فقط.
الثاني: في المسند (١/ ٤٤٤) ما يوهم أن النَّبِيّ نفل سلبه لابن مسعود، وذلك أنه وجده - يعني أبا جهل - يوم بدر وقد ضربت رجله وهو صريع، وهو يذب الناس عنه بسيف له، فأخذته فقتلته به، فنفلني سلبه".
لكن هذا الخبر منقطع كما قال ابن الملقن في البدر (٧/ ٣٤٤) فإن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه عبد الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>