للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: إن أصل الغنائم للغانمين، فإذا أخرجه عنهم بالبينة؛ فالبينة لا تكون بالمحتمل، فأما إقرار الرجل بأن السلب في يده وتصديقه أبا قتادة؛ فليس بشهادة (١)؛ لأنَّهُ ليس بمعروف، ولا عرفت عدالته، ولا أخرجه بلفظ الشهادة، وأبو بكر لم يكن عنده في ذلك شيء، ولا شهد بشيء، وإنما سمع إقرار الرجل فقال ما قاله على الظاهر.

وقولهم: "إن من كان في يده شيء فإقراره يقوم مقام البينة" (٢)؛ فإننا نقول: إنما هذا في شيء يخصه ويخص المدعي، فأما في سلب هو من جملة الغنيمة التي يستحقها الغانمون؛ فلا يقبل إقراره عليهم، بل ينفذ إقراره في مقدار ما يخصه من الغنيمة دون غيره.

فإن قيل: يجوز أن يكون أحلفه مع شهادة الرجل، وأعطاه السلب بشاهد ويمين.

قيل: لم تحصل شهادة بشيء؛ لأن الشهادة لها صفة، ثم لو أحلفه مع الشهادة؛ لنقل ذلك، فلما لم يكن من هذا شيء؛ صار السلب لأبي قتادة بدفع النَّبِيّ ذلك إليه، لا باستحقاق مقدم.

فإن قيل: فإنه علق الحكم بالقتل.


(١) قال ابن حجر: "وأبعد من قال من المالكية: إن المراد بالبينة هنا الذي أقر له أن السلب عنده فهو شاهد، والشاهد الثاني وجود السلب، فإنه بمنزلة الشاهد على أنه قتله". الفتح (٧/ ٧٣٥) قلت: وفي نسبة هذا القول للمالكية نظر ظاهر، ويدل عليه كلام ابن القصار هنا، بل نسبة هذا القول للشافعية أولى وأصح، فقد ذكر المَاوَرْدِيُّ نحو هذا الدليل محتجا به في كتابه الحاوي الكبير (٧/ ٣٩٥).
(٢) وضعف هذا الوجه أيضًا ابن حجر في الفتح (٧/ ٧٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>