والراجلان أيضًا يتفاضلان في النكاية ولا يتفاضلان في النفل، فقد تختلف النكايات ولا يقع تفاضل في العطاء، ألا ترى أن بعض الفرسان تكون هيبته وشجاعته ونكايته أعظم من غيره وإن لم يَقتل، ومع هذا فلا يتفاضلون في السهام.
وعلى أن القتل في نفسه نكاية، وقد اختلف حكمه إذا قتل مقبلا أو مدبرا.
وعلى أننا نعلم أن السرية قد أبلغت في النكاية بخلاف العسكر الذي لم يلحقها، ومع هذا لم تنفرد السرية بالغنيمة.
فإن قيل: فإنه قتل مشركا مقبلا في المعترك؛ فوجب أن يستحق سلبه، كما لو دخل دار الحرب فقتل بها رجلا (١).
قيل: إن صفة علة الأصل لا توجد في الفرع؛ لأنَّهُ إذا دخل وحده دار الحرب وقتل؛ فليس في معترك، فإن أرادوا معتركه في نفسه؛ انتقض بالسرية.
وعلى أن الذي يدخل وحده دار الحرب وليس وراءه عسكر؛ فإنه لم يَقتل بمعاونة أحد، فهو كالسرية إذا خرجت لنفسها من بلد بلا عسكر يتبعها، فما غنمت؛ فلها، فكذلك الراجل وحده له ما أخذه من سلب وغيره.
وعلى أن هذا يؤخذ منه خمس ما يحصل له؛ فيجب أن يخمس السلب في مسألتنا.
وعلى أن القياس الذي ذكرناه على السرية أولى.
(١) من دخل دار الحرب فقتل رجلا؛ مسألةٌ مستقلة سيفصل المصنف الكلام فيها قريبا.