للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحبش (١).

وقال أبو حنيفة: إن بلغتهم الدعوة؛ فحسن أن يدعوهم الإمام إلى الإسلام أو أداء الجزية قبل القتال، وإذا لم تبلغهم الدعوة؛ فلا ينبغي للإمام أن يبتدئهم بالقتال (٢).

وقال الشافعي: لا أعلم أحدا من المشركين لم تبلغهم الدعوة اليوم، إلا أن يكون خلف الذين يقاتلونا قوم من المشركين خلف الخزر (٣) والترك (٤) لم تبلغهم الدعوة، فلا يقاتلوا حتَّى يُدعوا إلى الإيمان (٥)، فإن قتل منهم أحد قبل ذلك؛ فعلى عاقلة (٦) القاتل الدية (٧).


= والرابع: يدعو الجيش الكثير لأمنه الغائلة دون غيره، وهو عندي ظاهر كلامه، وأما إن عاجلنا العدو؛ فلا يدعى، ولو أمكنت الدعوة وعلمنا أن العدو لا يعلم أيقاتل على الملك أو الدين؛ دعي، ولا يحسن الخلاف في هذا القسم، قال اللخمي لا خلاف في وجوب الدعوة قبل القتال لمن لم يبلغه أمر الإسلام، ومن بلغه فأربعة أقسام: واجبة من الجيش العظيم إذا غلب على الظن الإجابة إلى الجزية، لأنهم قد لا يعلمون قبول ذلك منهم، ومستحب إذا كانوا عالمين ولا يغلب على الظن إجابتهم، ومباحة إذا لم يرج قبولهم، وممنوعة إن خشي أحدَهم لحذرهم بسببها". الذخيرة (٣/ ٤٠٢ - ٤٠٣).
(١) "شرط الحرب بلوغ الدعوة باتفاق، أعني أنه لا يجوز حرابتهم حتَّى يكونوا قد بلغتهم الدعوة، وذلك شيء مجمع عليه من المسلمين قاله ابن رشد في البداية (٣/ ٤٣٣).
(٢) بدائع الصنائع (٩/ ٣٩٠ - ٣٩٣) الهداية مع شرح فتح القدير (٥/ ٤٢٧ - ٤٣١).
(٣) "الخزر: اسم جيل خزر العيون؛ أي عيونهم ضيقة وصغيرة، أو في عيونهم حول". القاموس (٢/ ٢١).
(٤) جيل من المغول، واحده تركي. انظر القاموس (٣/ ٣٣٥) والمعجم الوسيط (٧٥).
(٥) وهو مذهب أحمد أيضًا. انظر المغني (١٢/ ٥٢١ - ٥٢٣).
(٦) أي من يدفع عنه الدية، من عقلت القتيل عقلا أديت ديته، ودافع الدية عاقل، والجمع عاقلة.
انظر المصباح المنير (٢٤٤).
(٧) الحاوي الكبير (١٤/ ٢١٢ - ٢١٥) روضة الطالبين (١٠/ ٢٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>