للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: هذا مخصوص بنهيه عن قتل الشيخ الكبير، وبالتنبيه على ترك قتال من لم يقاتل، كما خص منها النساء والولدان.

فإن قيل: فقد روي أن دريد بن الصمة كان له مِائَة وخمسون سنة، وكان مطروحا في شجار (١)، يعني محملا على رأس جبل، فقتل يوم هوازن، فلم ينكر النَّبِيّ قتله، فدل على جوازه (٢).

قيل: هذا قضية في عين، فيحتمل أن يكون لما كان في رأس جبل أن يكون يدلُّ على المسلمين ويدعو على المسلمين فيجوز قتله، بدليل نهيه عن قتل الشيوخ، وهو نهي عام، وقد ذكرنا السنة والقياس، فلا يسقط بقضية في عين محتملة.

فإن قيل: فإنه ذكر مكلف جريء، فوجب أن يجوز قتله، أصله الشبان.

قيل: قد ذكرنا قياسا بإزائه، وبدليل النهي عن قتل الشيوخ، وبأن القتال معدوم منه في (٣٨) العادة، فرده إلى من هو مثله أولى.

فإن قيل: فإنه لا خلاف أن الشيوخ إذا دخلوا دار الإسلام على أن يقيموا فيها أنهم لا يُقَرون إلا بالجزية، فلما كان الشيوخ كالشبان في أخذ الجزية على مقامهم في دار الإسلام؛ وجب أن يستووا كلهم في جواز القتل.

قيل: إنما أخذنا منهم الجزية لأنهم يحصلون مع المسلمين، فربما تجسسوا عنهم أو أخرجوا أخبارهم، مع كونهم ممن يقاتل، وله مثل حرمتهم،


(١) الشجار مركب مكشوف دون الهودج، ويقال: مَشجر أيضًا. النهاية (٤٦٧).
(٢) أخرجه بهذا السياق البيهقي (٩/ ١٥٧) من قول الشافعي، فهو معضل. وقصة قتل دريد بن الصمة أخرجها البخاري (٤٣٢٣) ومسلم (٢٤٩٧/ ١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>