لصيانة الأموال، والقود وجب في صيانة الدماء، وحد القذف لصيانة الأعراض، ورأينا الحاجة في صيانة هذه الأشياء في دار الشرك كهي في دار الإسلام، ألا ترى أن نفس الفعل الموجب لهذه الأشياء محظور في دار الشرك ودار الإسلام، فوجب أن لا يفترق الحكم فيه أني كانت.
فأما الجواب عن قولهم:"إن الدار دار إباحة"؛ فقد قلنا: إن هذا الإطلاق خطأ، (٤٠) وإنما هي دار إباحة لأموال الكفار ونفوسهم، وليست بدار إباحة للأفعال الموجبة للحدود، ولا نقول: إنها دار إباحة للكفار في أموال المسلمين ونفوسهم، وإنما لا يجب على الحربي شيء من ذلك، لا حد ولا ضمان؛ لأنه لم يكن مؤاخذا بما فعل لأجل نفسه؛ لأنه ليس له عقد ولا عهد، لا لأجل أن الدار دار إباحة، ألا ترى أن الحربي إذا فعل هذه الأشياء في دار الإسلام؛ لم يكن مؤاخذا بها عندكم.
على أنه منكسر بكون الإمام فيها، فإنه يقيم الحدود مع كون الدار دار إباحة.
فأما ما ذكروه من أن الحربي لا يقام عليه حد الزنا في دار الحرب؛ فإن حد الزنا وشرب الخمر لا يقام عندنا على أهل الذمة؛ فكيف على أهل الحرب.
وأما قتل المسلم الذي اختار المقام بينهم؛ فقد ذكر أصحابنا أنه لا يجب على المسلم فيه قود ولا دية لقوله تعالى: ﴿فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ (١)، ولم يوجب فيه دية، ولأن