للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإذا منع من إخراج من هذه صفته لأنه يخذل المسلمين، ويضعف نفوسهم، بأن يكثر عسكر الكفار ويزحف على المسلمين، وقد مدح النبي في ترك إخراجهم؛ فالمصرح بالكفر أولى أن لا يخرج مع المسلمين.

وأيضا فقد روي عن عائشة أنها قالت: "إن رسول الله خرج في بعض غزواته فاعترضه يهودي فقال له: أجاهد معك؟ فقال له: أنت مسلم؟ فقال: لا، فقال: إننا لا نستعين بمشرك" (١).

وهذا نص في موضع الخلاف، ثم اعترضه ثانيا وثالثا، وهو يقول له ذلك، فلما رده؛ أسلم، فحمله.

وروي أنه مر بطائفة فقال: من هؤلاء؟ فقالوا: يهود بني قينقاع أصحاب عبد الله بن سلام جاءوا يقاتلون معك، فقال : "إنا لا نستعين بمشرك" (٢).

وهذا أيضا نص.

وأيضا فإن الإمام إنما يجاهد لكي يقمع الكفار ويردهم إما إلى الإسلام، أو بذل الجزية، فوجب أن يجاهد بمن يكون عونا على المشركين لا عونا لهم، ونحن نعلم محبة المشركين أن يظهر من هو على دينهم، فبواطنهم غير مأمونة.


(١) أخرجه بنحوه مسلم (١٧١٧/ ١٥٠) ووهم صاحب المغني (١٢/ ٦١٤) فجعله من المتفق عليه.
(٢) أخرجه أحمد (٣/ ٤٥٤) والبيهقي (٩/ ٦٤) وفي إسناده خبيب بن عبد الرحمن لم يوثقه غير ابن حبان، وبقية رجاله ثقات. وصححه الحاكم (٢/ ١٥٥) وسكت عنه الذهبي.
وأخرجه ابن المنذر في الأوسط (٦/ ١٧٢) وقال الهيثمي في المجمع (٥/ ٣٠٣): "رواه الطبراني في الكبير وفيه سعد بن المنذر، ذكره ابن حبان في الثقات، وبقية رجاله ثقات".
وقوله: "لا نستعين بمشرك" له شاهد من حديث عائشة المتقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>