للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَكُمْ هَذِهِ﴾: خيبر (١)، وأخرى لم تقدروا عليها، اختلف أهل التفسير فيه؛ فقال بعضهم: أراد مكة أنه لم يقدر عليها بالقتال (٢)، وقال بعضهم: أراد بذلك فارس والروم (٣).

قالوا: وحمله على مكة أولى من وجهين:

أحدهما: أنه لا يقال: "لم يقدر على الشيء"؛ إلا بعد طلبه وقصده، والنبي لم يكن طلب الروم ولا فارس، ولا قصدهم حتى يقال: لم يقدر عليهم.

والثاني: أنه يقتضي أنه لم يقدر عليه أصلا، لا النبي ولا غيره، وهذه صفة مكة؛ لأن فارس إن لم يقدر النبي عليها؛ فقد قدر عليها عمر.

قيل: إن هذه الآية أيضًا حجة لنا لو ثبت ما قلتموه، وذلك أنه تعالى قال: ﴿وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا﴾.

فمعناه: إنكم لم تقدروا عليها بنفوسكم لولا أن الله تعالى أحاط بها ونصركم، وقوى كلمتكم، وأخزاهم، وشفى صدوركم منهم، وإنما هذا كله على وجه الامتنان عليهم، ووعدهم أن يدخلوها قاهرين غالبين مطمئنين، وهذا لا يكون إلا بالعنوة، ألا ترى إلى قوله تعالى: ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ


(١) ورواه ابن جرير عن مجاهد وقتادة، وقيل: الصلح الذي كان بين رسول الله وبين قريش، ورواه ابن جرير عن ابن عباس، ورجح قول مجاهد. انظر تفسير ابن جرير (٩/ ٧٤٩٠ - ٧٤٩١) وزاد المسير (٧/ ٤٣٥).
(٢) رواه ابن جرير (٩/ ٧٤٩٣ - ٧٤٩٤) عن قتادة، ورجحه.
(٣) رواه ابن جرير (٩/ ٧٤٩٢ - ٧٤٩٣) عن ابن عباس وابن أبي ليلى والحسن. وفيها قولان: آخران: أحدهما: ما يفتح للمسلمين بعد ذلك، رواه سماك الحنفي عن ابن عباس، والثاني: خيبر، ورواه عطية والضحاك عن ابن عباس، وبه قال ابن زيد. انظر زاد المسير (٧/ ٤٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>