للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رقة شديدة، وقال: إن رأيتم أن تطلقوا لها وتردوا عليها مالها، فقالوا: نعم، وفعلوا ذلك (١).

ففي هذا دليل على جواز الفداء، ودليل على جواز المن وإطلاق بغير شيء.

وأيضًا فقد روى عمران بن حصين أن رسول الله بعث سرية فأسروا رجلًا من عقيل، فأوثقوه وشدوه في الحرة، فمر رسول الله به فقال: يا محمد! فيم أخذت؟ وفيم أخذت سابقة الحجاج يعني حمله؟ فقال : أخذت بجريرة (٢) حلفائك من ثقيف، وكانوا قد أسروا رجلين من أصحاب رسول الله (١٠٤) فقال: إني ظمآن فاسقني، وإني جائع فأطعمني، وإني مسلم، فقال : لو تكلمت به قبل هذا؛ لأفلحت كل الفلاح، ثم فداه برجلين، وأخذ ناقته" (٣).

فدل على جواز الفداء، وقد فدى رسول الله العباس وعقيلا ونوفلا كل رجل بأربع مائة دينار، وفدى العباس حليفه فأنزل الله تعالى: ﴿قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى﴾ (٤) إلى آخرها.


(١) أخرجه أبو داود (٢٦٩٢) والحاكم في المستدرك (٣/ ٣١) وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي، وقال ابن الملقن في البدر (٩/ ١١٧): "إسناده حسن".
(٢) "الجريرة: الجناية والذنب، وذلك أنه كان بين رسول الله وبني ثقيف موادعة، فلما نقضوها ولم ينكر عليهم بنو عقيل، وكانوا معهم في العهد؛ صاروا مثلهم في نقض العهد، فأخذه بجريرتهم. وقيل: معناه: أخذت لتدفع بك جريرة حلفائك من ثقيف، ويدل عليه أنه فدي بعد بالرجلين اللذين أسَرتهما ثقيف من المسلمين". النهاية (١٤٧).
(٣) أخرجه مسلم (١٦٤١/ ٧).
(٤) سورة الأنفال، الآية (٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>