وأيضًا فلو ترك عبده؛ لم يبطل أمانه وهو من ماله، فكذلك سائر أمواله.
فإن قيل: فإنه كان لنفسه أمان ولماله أمان، فلما دخل دار الحرب؛ بطل أمان نفسه، وبقي أمان ماله لأن [الذي أعطي](١) الأمان باق، فإذا مات؛ فقد بطل من بيننا وبينه أمان في نفسه وماله، وقد انتقل المال إلى كافر، ولا أمان له في نفسه ولا في ماله، فوجب أن يؤخذ منه ولا يكون موروثا، كما إذا ظهر الإمام على حي لا أمان له ولا لماله؛ فإنه يأخذ ماله.
قيل: إن ماله لا يبطل بموته كما لا يبطل بدخوله دار الحرب؛ لأن أمان نفسه قد بطل في الموضعين جميعًا، حتى إنه إذا عقد الأمان لماله مع علمنا بأن المال يملك وينقل إلى ورثته، فكأنه قد أخذ الأمان لماله على هذه الصفة، فيصير ورثته في هذا المال بمنزلة من بعث بماله في أمان وأقام بدار الحرب؛ فإن أمان ماله باق؛ لأن المال قد حصل له أمان لمالكه ومن يقوم مقامه فيه، وقد بينا أنه ينتقل إلى ورثته على ما هو عليه، وموت من عقد الأمان بيننا وبينه لا يبطل أمان ماله، كما أن موت من يجب له خيار العيب والرهن والشفعة لا يبطل ما لحق بماله، وورثته يقومون فيه مقامه على ما بيناه.
وعلى أنه باطل بعد طرحه إلى ورثته وإن كان الذي عقد العقد قد مات.
فإن قيل: فإن (١٠٩) هذه حقوق متعلقة بالمال جلبها الملك، وليس كذلك مسألتنا، ألا ترى أنه إذا عقد الأمان لنفسه، كان أمانا لماله، فعلم أنه لم يوجبه الملك، فلم يجز أن ينتقل مع الملك.
قيل: لا فرق بينهما؛ لأن الملك لم يجلب ذلك، وإنما فعله جلبه،