يصيره في حكم الإرقاق، وحكم الرق لا ينفي ابتداء نكاح ولا استدامته، فابتداؤه برقهما إذا سبيا معًا وحصلا له في القسمة؛ هو بمنزلة أن يبتدئ شراءهما وهما (١١٧) زوجان.
فإن قيل: فإن ما حكيتموه عن الشافعي أنه إذا تزوج مسلم بحربية ثم ظهر المسلمون عليها واسترقوها؛ أن نكاحهما [باق](١)، فليس هذا مذهب الشافعي، بل هو منصوص لأنه قال: متى سبينا؛ نفسخ النكاح فيما بينهما؛ لأن النكاح يفسخ بعوارض، فجاز أن يكون هذا من العوارض التي تفسخ النكاح، ومن أصحابنا من: قال: لا يفسخ النكاح لأجل حق المسلم، وليس هذا بشيء.
قيل: فالكلام عليكم قد مضى، قلنا: إذا كان الرق لا ينفي النكاح في ابتدائه، لم تنفك استدامته، وليس طروء الرق عليها بالسبي في ثبوت النكاح إلا بمنزلة أن يبتدئ نكاحًا عليها وهي أمة.
فإن قيل: فإن قولكم: "إذا سبي وولده معه لا يتغير حكمه وحكم ولده، فكذلك في زوجته وإن كان حكمهم يتغير إذا سبي أحدهما منفردًا"، فجوابكم أن نقول: إنما لم يتغير دين الصبي إذا سبي مع أحد أبويه؛ لأن أباه المسبي لم يتغير دينه في السبي، فلم يتغير دين من هو تابع له وهو ذريته، فعلى قود هذا وقياسه يجب أن ينفسخ النكاح إذا سبيت معه؛ لأنه لما تغير حكم ملك نفسه ورقبته وزوال ملكه عن رقبته وأملاكه؛ يجب أيضًا أن يزول عن بضع امرأته التي هي تابعة له؛ لأنها ملك من أملاكه.
(١) ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، والمثبت من السياق.