للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ﴾ (١)، ثم قال: ﴿إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ﴾ (٢).

فجعل السبيل على هؤلاء، فدل على أنه منتف عن أولئك.

قيل: هذا متوجه إلى من لا يقدر على المشي؛ لأن العرب كانت عادتها الركوب والقتال على الخيل، وركوب النُّجب (٣) والرواحل (٤)، وقل من يتعود منهم المشي، والسبيل على من يقدر على ذلك لغنائه وتمكنه منه، وكذا نقول.

فإن قيل: فإن الجهاد فرض على الكفاية، يقوم غيره فيه مقامه، فأما نفقته ونفقة من يلزمه نفقته ومؤونته؛ فهي فرض عليه عينا؛ إذ لا يلزم غيره، فإذا تقابل هاهنا فرضان أحدهما يلزمه في عينه ولا يقوم غيره مقامه فيه [والآخر يقوم غيره مقامه فيه؛ كان اشتغاله بما] (٥) هو فرض في عينه أولى.

قيل: عن هذا جوابان:

أحدهما: أننا نقول بهذا، ولا نوجبه عليه إلا أن يكون له ما ينفق على نفسه في مأكوله وملبوسه، وله ما ينفق على من يلزمه نفقته، غير أنه لا راحلة


(١) سورة التوبة، الآية (٩٢).
(٢) سورة التوبة، الآية (٩٣).
(٣) النجيب من الحيوان الفاضل منه، وقد نجُب ينجب نجابة إذا كان فاضلًا نفسيًا في نوعه، والنجيب من الإبل مفردًا ومجموعا: وهو القوي منها الخفيف السريع. النهاية (٩٠٠).
(٤) الرواحل: مفردها راحلة: وهي الناقة التي تصلح لأن ترحل، وقيل: الراحلة المركب من الإبل ذكرًا كان أو أنثى. الصحاح (رحل).
(٥) ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، والمثبت من السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>