للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصرعته فألحقني" (١).

وهذا يدل أن الغلام وإن لم يبلغ وأطاق القتال؛ أسهم له؛ لأنه لو اعتبر البلوغ؛ لم يحتج أن يعتبرهم بالصراع، فإن البالغ قاتل أو لم يقاتل؛ فإنه يسهم له إذا حضر، فثبت أنه اعتبر طاقتهم للقتال، وهو قياس البالغ بعلة أنه حر ذكر قد أطاق القتال وقاتل.

وأيضا فإن المطلوب في الحرب جنس المكابدة، فمن أطاقها وعلمها؛ سوغها؛ لأن قضية العقل تقتضي ذلك؛ لأن كل أحد إنما يطلب للصناعة التي يبتغيها من كان مأمونا عليها عالما بها، فإذا كان القصد من الجهاد مكابدة العدو وقتاله، ووجدنا من هو من الجنس بهذه المثابة، يسد مسد الكبير؛ سوغناه ذلك مع أن الصبي الذي قد بلغ حد القتال له من الجراءة والإقدام ما ليس لغيره، ولهذا يقال: إن الأهوج (٢) أشجع من غيره، فإذا وجد العناء من الصبي في قتاله؛ أسهم له.

فإن قيل: فيجب أن يسهم له وإن لم يقاتل.

قيل: إذا لم يقاتل حقر، وإذا قاتل أبر ولم يحقر. وبالله التوفيق


(١) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (٣/ ١٢٢) والبيهقي (٩/ ٣٧) بنحوه.
(٢) الأهوج المتسرع في الأمور كما يتفق، وقيل: الأحمق القليل الهداية. انظر النهاية (١٠١٤) والصحاح (هوج).

<<  <  ج: ص:  >  >>