للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذي يقتضي الوجوب إلا أن تقوم دلالة.

وأيضا فإن ما ثبت تحريمه لا يختلف حكم المسلم فيه باختلاف الدارين، ألا تري أنه لا يجوز له أن يشتري منهم الخمر والخنزير في أي موضع كان، ولا يجوز الزنا وشرب الخمر للمسلم في أي موضع كان.

فإن قيل: فإن الآيات التي ذكرتموها إنما تفيد ما يتناوله اسم الربا، وهذا لا يحصل في مسألتنا؛ لأن هذه الزيادة غير مستحقة بالعقد، وإنما يستحق على حكم الأصل، لأن الدار دار إباحة، وأموالهم لنا مباحة، فإن الزيادة التي يأخذها المسلم من الكافر في الجنس الواحد ليس يأخذها على وجه العقد؛ لأنه لا العقد يصح مع الزيادة، وإنما يأخذها على حكم إباحة الأصل؛ لأن أموالهم مباحة لنا إلا ما حظر بعقد الأمان (١).

قيل: إذا قصد مبايعته (١٤٠) ودفع الثمن إلى الحربي؛ فهذا كعقد الأمان، فقصده البيع والشراء بالعوض لا يبيحه هذا الفعل [فاستدللنا] (٢) على أن لهم شبهة ملك ويد على ما في أيديهم، فلولا البيع والمعاوضة التي وقعت بينهما؛ لم يقدر على أخذ ما في يد الكافر، ألا ترى أنه إذا دخل إليهم بأمان؛ لم يجز أن يرهن عليهم الخمر، ولا يقتل خنزيرا لهم، ولا يأخذ مالهم، وإنما يباح على وجه القهر والغلبة، وهذه الزيادة ليس يأخذها على وجه القهر والغلبة، ولو أخذها منهم على وجه البيع والشراء؛ لم يمنعه إذا أمكنه ذلك،


(١) "إن دخلها بغير أمان؛ فالعلة منتقضة كما إذا دخل الحربي دار الإسلام فبايعه المسلم فيها درهما بدرهمين، وأنه لا يلزم من كون أموالهم تباح بالاغتنام استباحتها بالعقد الفاسد، ولهذا تباح أيضا على نسائهم بالسبي دون العقد الفاسد". المجموع (١٠/ ٥٧١).
(٢) طمس بالأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>