للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإنما يمنعه إذا أخذها على هذا الوجه ألا ترى أن قضاء القرض إذا اتصل بغير شرط جائز حسن، وبالشرط وقت القرض لا يجوز، وأشياء كثيرة تجوز على غير وجه البيع مثل هبة المجهول، وعتق المجهول، وعلى وجه البيع لا يجوز، فكذلك هذه الزيادة إذا حصلت على وجه المعاوضة؛ لم يجز.

فإن قيل: فهذه المسألة مبنية على أصلنا؛ وهو أن كل متعاقدين دخلا في عقد أمكن جعل عقدهما على الصحة؛ وجب أن يحمل عليه.

قيل: هذا إذا أمكن حمل عقدهما على الصحة في الشريعة، ولم يمنع منه [مانع] (١)، وهاهنا هو غير ممكن لما بيناه.

فإن قيل: فقد روى مكحول أن النبي قال: "لا ربا بين المسلم والحربي في دار الحرب" (٢).

قالوا: وهذا وإن كان مرسلا؛ فإننا وإياكم نقول به كالمتصل.

قيل: قوله : "لا ربا" ظاهره ينفي وجوده، وهذا غير مراد؛ لأنه قد يوجد، فالمقصود منه الحكم، والحكم محذوف مضمر، فنحتاج أن نطلب المراد بالحكم المضمر، فيحتمل أن يكون أراد لا يجوز الربا بينهما، ويحتمل أن يجوز؛ لأن تقديره: لا حكم لربا بين المسلم والحربي، والحكم يحتمل


(١) ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، والمثبت من السياق.
(٢) ذكره الزيلعي في نصب الراية (٤/ ٤٤) وقال: غريب بهذا اللفظ".
وقال النووي في المجموع (١٠/ ٥٧١): "والجواب عن حديث مكحول أنه مرسل ضعيف فلا حجة فيه، ولو صح؛ لتأولناه على أن معناه: لا يباح الربا في دار الحرب جمعا بين الأدلة". وذكر الوجهين أيضا ابن قدامة في المغني (٥/ ٤٧٤) وأما المصنف فإنه اكتفى بتأويل الحديث دون التعرض للطعن في درجته.

<<  <  ج: ص:  >  >>