للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبه قال أبو حنيفة (١).

وقال الشافعي: لا تسقط عنه (٢).

قال أصحابه: فلأنه قد تقرر وجوبها في الذمة فلا تسقط بحال.

ولأن النبي قال: "الزعيم غارم" (٣).

وهذا قد تكفل بالجزية لحقن دمه؛ فوجب أن يغرمه.

ولأن ذلك حق يجب في المال أمر بأدائه لمكفله به، وما كان هذا سبيله؛ لم يسقط بالموت والإسلام، كسائر الضمانات التي توجد بعد استقرارها، لأن الجزية مأخوذة للماضي لا للمستقبل.

وهو قياس من لم يسلم ولم يمت؛ لأنه بمضي المدة تصير دينا مستقرا في ذمته، وما كان ذلك طريقه؛ لم يسقط إلا بالأداء أو الإبراء كالإجارات.

الجواب: وهذا لا يلزم، والذي يدل على صحة قولنا؛ قوله تعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ﴾ (٤).

فوجب أن يكون بإسلامه غفر له جميع ما سلف، وهذا يشتمل على


(١) التجريد (١٢/ ٦٢٥١ - ٦٢٥٥) المبسوط (١٠/ ٧٠ - ٧١) وإليه ذهب أحمد بن حنبل. انظر المغني (١٢/ ٧٧٤ - ٧٧٥).
(٢) "هذا إن كان إسلامه بعد انقضاء الحول واستقرار الوجوب، أما إن كان إسلامه في تضاعيف الحول؛ سقطت عنه جزية ما بقي من الحول، وهل تؤخذ منه جزية ما مضى قبل إسلامه أم لا؟ على قولين من اختلاف قولي الشافعي في حول الجزية هل هو مضروب للوجوب أو لا". الحاوي الكبير (١٤/ ٣١٥) وانظر أيضا روضة الطالبين (١٠/ ٣١٢).
(٣) سيأتي تخريجه (٦/ ١٥٣).
(٤) سورة الأنفال، الآية (٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>