للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الكفر وغيره، ويدل على هذا قوله تعالى: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ إلى قوله ﴿مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ (١).

فأمر بأخذها ممن هذه صفته، فوجب أن يكون من عداهم بخلافهم، ولما قال: ﴿وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ والمسلم لا يكون صاغرا - لأن الله ﷿ قد أعزه بالإسلام -؛ دل على أن من أسلم؛ لم يدخل تحت الآية.

وقد قال بعض أصحابنا: إن هذا كالتعليل؛ لأن الجزية إنما تؤخذ ذلا وصغارا، والمسلم ليس عليه ذل لقوله : "الإسلام يعلو ولا يعلى" (٢).

وقال : "ليس على من أسلم جزية" (٣).

وهذا عام.

قال أصحابنا: والجزية تعلقت عليه لأجل الكفر المخصوص، فإذا زال؛ وجب إسقاطها، بدلالة أنه لولا الكفر المخصوص؛ لم تتعلق الجزية، وإذا وجد؛ تعلقت، فوجب إذا زال تزول؛ لأن الحكم قد صار مقرونا بهذا المعنى، فصار كالفعل الذي تجب صحته.


(١) سورة التوبة، الآية (٢٩).
(٢) أخرجه البيهقي في الدلائل (٦/ ٣٦ - ٣٧) وقال البيهقي: "الحمل فيه على السلمي".
قلت: وهو محمد بن علي بن الوليد السلمي البصري قال الذهبي في الميزان (٤/ ٢١٠) عقب نقله كلام البيهقي: صدق - والله - البيهقي؛ فإنه خبر باطل.
(٣) أخرجه أبو داود (٣٠٥٤) والترمذي (٦٣٣) وأحمد (١/ ٢٢٣) وإسناده ضعيف، فيه قابوس بن أبي ظبيان فيه لين كما في التقريب (٤٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>