للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما قولهم: "تقرر وجوبها في الذمة فلا (١٥٧) تسقط بحال"؛ فإنه فاسد؛ لأن [] (١) لا نقول أن وجوبها متقرر في الذمة.

وقوله : "الزعيم غارم" (٢) وقولهم (٣) إنه ضمن الدينار على سبيل الجزية للإمام وجب أن يغرمه؛ فإنا نقول: إن أردتم أن ضمانه له ضمانا مطلقا؛ فلا، وإن أردتم أنه ضمنه شريطة أن يؤديه ما دام على ما هو عليه؛ فنعم، فكأنه لم يضمنه إلا على أنه إذا أسلم لم يكن عليه شيء، فلم يلزم ما قالوا.

فإن قيل: الواجبات في الأموال على جهة الضمان لا تسقط بالموت ولا بمضي المدد إذا كانت مستقرة، كالديون، والإجارات، والديات.

قيل: الجزية ليست ضمانا في المال مستقرا فتعتبر بالديون والحقوق التي ذكرتموها، فلم تصر الجزية بمنزلة الحقوق؛ لأنها مؤداة عن الجمجمة التي هي كافرة مبقاة كذلك، فإذا أسلم؛ سقطت لأن الذي من أجله وجبت قد زال.

فإن قيل: فإن الجزية مأخوذة لما مضى لا للمستقبل.

قيل: قد ذكرنا أن الجزية لم تجب وجوبا مستقرا فيما مضى، فلذلك أسقطناها بالإسلام، وفرقنا بينها وبين الديون وسائر الحقوق، وليس يجب أن يكون كل ما وجب فيما مضى؛ لا يسقط بمضي المدة، هذه نفقة الأبوين تجب على الولد، ولو لم تؤخذ منه ثم طولب بها؛ لم يلزم لما مضى، وإنما تجب لما يستقبل.


(١) طمس بمقدار ثلاث كلمات.
(٢) سيأتي تخريجه (٦/ ١٥٣).
(٣) هكذا بالأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>