للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله "من استطاع منكم الباءة" (١) - يعني الجماع - (٢)؛ "فليتزوج"، وبيّن أن التزويج لأجل الجماع [للذي] (٣) يستطيعه، فإذا لم يكن الجماع واجبا؛ لم يكن التزويج واجبا.

ودليله أيضا أن من لم يستطع الجماع فلا يتزوج، فدل على أن النكاح ليس بواجب.

وقوله: "فليصم فإن الصوم له وجاء"؛ معناه: من لم يستطع التزويج فليصم فإن الصوم يقطعه، لأنه عاجز عن الجماع، فلا يقال له: "صم" حتى ينقطع عنك شهوة الجماع أو فعله، فإذا كان الصوم الذي هو بدل [عن] (٤) النكاح ليس بواجب؛ فمبدله مثله (٥).


(١) الباءة بالهمز وتاء تأنيث ممدودة، وفيها لغة أخرى بغير همز ولا مد، وقد يهمز ويمد بلا هاء، ويقال لها أيضا الباهة كالأول، لكن بهاء بدل الهمزة، وقيل: بالمد القدرة على مؤن النكاح، وبالقصر الوطء، قال الخطابي: المراد بالباءة النكاح، أصله الموضع الذي يتبوؤه ويأوي إليه. وقال المازري: اشتق العقد على المرأة من أصل الباءة لأن من شأن من يتزوج المرأة أن يبوئها منزلا. اهـ من الفتح (١١/ ٣٤٦ - ٣٤٧) وانظر الإكمال للقاضي عياض (٤/ ٥٢٢) واللسان (بوأ).
(٢) وصححه النووي، وقيل: معناه مؤن النكاح. انظر شرح مسلم (٩/ ١٤٦) والفتح (١١/ ٣٤٧).
(٣) في الأصل: الذي، وهو خطأ.
(٤) في الأصل: على.
(٥) وليس الأمر كذلك؛ لأنه في الحديث رتب فقال: "ومن لم يستطع فعليه الصوم"، وهذا غير مستحيل أن يجمع بين واجب وغير واجب، ويصح أن يقول قائل: أوجبت عليك أن تفعل كذا، فإن لم تستطع فأندبك إلى كذا أفاده القاضي عياض في الإكمال (٤/ ٥٢٣) ونقله عنه الحافظ بالمعنى ولم يسمه فقال: "وتعقب بأن الأمر بالصوم مرتب على عدم الاستطاعة، ولا استحالة أن يقول القائل: أوجبت عليك، كذا فإن لم تستطع فأندبك إلى كذا". الفتح (١١/ ٣٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>