للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: إن الراوي إذا روى خبرا وخالفه؛ تُرك خلافه (١)، وعُمل على الخبر إذا كان ظاهره غير محتمل (٢)، وهذا مثل ما قلناه: إن بيع الأمة لا يكون طلاقا، وابن عباس يذهب إلى أن بيعها طلاق، ثم هو الراوي لخبر "أن بريرة بيعت فأعتقت فخيرها رسول الله بين الفسخ وبين المقام على النكاح" (٣).

فلو كان قد وقع الطلاق بالبيع؛ لم يكن للخيار معنى، فأسقطنا خلافه وما ذهب إليه بما رواه من الخبر.

فإن قيل: فإن الخبر غير صحيح؛ لأن لفظه ساقط؛ لأنه قال: فإن [اشتجروا أولياؤها] (٤) فالسلطان ولي من لا ولي له" (٥).

فكيف يكون لها ولي إذا اشتجر أولياؤها.

قيل: معناه: فإن اشتجروا، فعضلوا، فالسلطان (١٣) ولي من لا ولي له،


(١) أي العبرة بما روى لا بما رأى. وانظر البدر المنير (١/ ٥٦١).
(٢) قال ابن حزم: "ولا ندري أين وجدوا أن من خالف -باجتهاده مخطئا متأولا- ما رواه أنه يسقط بذلك ما رواه، ثم نعكس عليهم أصلهم هذا الفاسد فنقول: إذا صح أن أم المؤمنين -والزهري- رويا هذا الخبر، وروي عنهما أنهما خالفاه، فهذا دليل على سقوط الرواية بأنهما خالفاه، بل الظن بهما أنهما لا يخالفان ما روياه، وهذا أولى؛ لأن تركنا ما لا يلزمنا من قولهما لما يلزمنا من روايتهما هو الواجب، لا ترك ما يلزمنا مما روياه لما لا يلزمنا من رأيهما، فكيف وقد كتب إلي .. ثم ساق قول عائشة: ليس إلى النساء النكاح. فصح يقينا بهذا رجوعها عن العمل الأول إلى ما نبهت عليه من أن نكاح النساء لا يجوز". المحلى (٩/ ٣٠ - ٣١).
(٣) أخرجه البخاري (٥٢٨٣) وأخرج نحوه من حديث عائشة (٥٢٧٩).
(٤) هكذا بالأصل، وهو خلاف ما ورد به الحديث "اشتجروا فالسلطان .. " وإثبات كلمة "أولياؤها" هنا يصح على لغة: أكلوني البراغيث.
(٥) تقدم تخريجه (٥/ ٣٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>