والجواب الآخر: هو أن الخبر يقتضي إثبات الولاية عليها، وبطلان النكاح بغير إذن الولي، وهو قوله:"السلطان ولي من لا ولي له"، فالخبر يثبت الولاية على كل من ينكح، ويمنع من النكاح من غير إذنه، فتقديره كأنه لا نكاح إلا بمن يتولاه، حتى يكون وليا عليه، أو بإذن من يتولاه.
فإن قيل: فإننا نحمله على الأمة أو الصغيرة.
قيل: حمله على الأمة لا يصح من وجهين:
أحدهما: أنه ﵇ قال: "فإن مسها؛ فلها المهر بما استحل من فرجها"، وأنتم تقولون: مهر الأمة لسيدها، فعلم أنه أراد الحرة، ولكن على مذهبنا - وإن قلنا إنه للأمة -؛ فإن اللام التي للتمليك حقيقتها أن تكون لمن يملك ملكا مستقرا إذا أطلق، وملك الأمة غير مستقر.
والجواب الآخر: هو أنه قال: "فإن اشتجروا واختلفوا فالسلطان ولي من لا ولي له"(١)، وهذا لا يجري في الأمة بين السادة؛ لأنه إن كانت لجماعة سادة فقال واحد منهم: لا أزوجها؛ لم يكن للسلطان أن يزوجها، ولم يكن له ولاية في تزويجها، وإنما يزوج السلطان إذا أذن جميع سادتها، وهذا يصح في الحرة؛ لأن أولياءها إذا اختلفوا فقال بعضهم: لا أزوج، وقال البعض: أزوج؛ تصير كأنها امرأة لا ولي لها، فيكون الولي هو (١٥) السلطان، ويزوجها.
وحمله على الحرة الصغيرة لا يمكن أيضا من وجهين:
أحدهما: أنه قال: "أيما امرأة"، والمرأة اسم للبالغة دون الصغيرة.
(١) هذه الرواية أشار إليها الشافعي في الأم (٦/ ٣٤).