للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن انحلت ولايته بفسقه؛ فليس يختص بها النكاح دون غيره.

على أننا قد بينا موضع الحاجة في ولايته بالعصبة، وأن الفاسق يلحقه من الغيرة ويطلب من الاحتياط ما يطلبه العدل، فإذا وضع الشيء موضعه؛ فقد أتى بما من أجله جعل وليا.

فإن قيل: فإنه نكاح مسلمة بحق النسب، فوجب أن لا يصح من فاسق، أصله الكافر يكون له بنت مسلمة.

قيل: الكافر منقطع الولاية عن المسلمة؛ لأن الله جل وعز قال: ﴿مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ (١)، وقال: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ (٢)، ألا ترى أنه تنقطع الولاية في القصاص من بنته المسلمة، فكذلك هو منقطع الولاية من تزويجها.

فإن قيل: فإن الولي إنما طُلب في النكاح ليَطلب الحظ لها، وهي أن لا تضع هي نفسها في غير كفء، فإذا كان لهذا المعنى؛ لم يجز [من] (٣) الفاسق؛ لأنَّهُ لما ضيع حظ نفسه؛ فلأن لا يحفظ حظ غيره أولى.

قيل: قد ذكرنا أن الفاسق يحتاط لبنته ووليته، ويغار عليها كالعدل، فإذا وضعها في كفء؛ رجب أن يُمضى، وإن وضعها في غير كفء؛ فسخناه إن كانت بكرا، كما يعمل في العدل، وإن كانت ثيبا ولم يكن غيره ورضيت


(١) سورة الأنفال، الآية (٧٣).
(٢) سورة التوبة، الآية (٧٢).
(٣) كلمة لم أتبينها، والمثبت من السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>