للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ففيه دليلان:

أحدهما: (١٣٦) أنها قصدت بلفظ الهبة التزويج برسول الله ، ولم يقل لها: النكاح بهذا اللفظ لا ينعقد، وإنما عدل إلى أنه لا حاجة له إلى النساء في هذا الوقت، وقد قال تعالى: ﴿إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ﴾ (١) أي بغير مهر في هذا النكاح الذي هو بلفظ الهبة.

والدليل الثاني: هو أنه قال للزوج: "قد ملكتكها بما معك من القرآن"، فدل على أن لفظ التمليك يقع به التزويج.

فإن قيل: فإن الله تعالى جعل انعقاد النكاح بلفظ الهبة خاصًّا للنبي ،


= التمليك، إلا أن هذه لفظة واحدة في حديث واحد اختلف فيها، والظاهر الغالب أن الواقع منها أحد الألفاظ لا كلها، فالصواب في مثل هذا النظر إلى الترجيح بأحد وجوهه، ونقل عن الدارقطني أن الصواب رواية من روى "زوجتكها"، وأنه قال: هم أكثر وأحفظ، وقال بعض المتأخرين: ويحتمل صحة اللفظين، ويكون أجرى لفظة التزويج أولًا فملكها، ثم قال له: اذهب فقد ملكتكها بالتزويج السابق، والله أعلم.
قلت: وهذا أولًا بعيد؛ فإن سياق الحديث يقتضي تعيين موضع هذه اللفظة التي اختلف فيها، وأنها التي انعقد بها النكاح، وما ذكره يقتضي وقوع أمر آخر انعقد به النكاح، واختلاف موضع كل واحدة من اللفظتين، وهو بعيد جدًّا .. وإنما الصواب في مثل هذا أن ينظر إلى الترجيح". إحكام الأحكام (٤/ ٤٩).
قلت: وقد أفاض الحافظ ابن حجر في الحديث عن هذه اللفظة، وبيّن الاختلاف فيها، ثم قال: "الذي تحرر مما قدمته أن الذين رووه بلفظ التزويج أكثر عددًا ممن رواه بغير لفظ التزويج، ولا سيما وفيهم الحفاظ مثل مالك، ورواية سفيان بن عيينة "أنكحتكها" مساوية لروايتهم. إلى أن قال: وعلى تقدير أن تتساوى الروايات يقف الاستدلال بها لكل من الفريقين". الفتح (١١/ ٥٠٨ - ٥١٠).
(١) سورة الأحزاب، الآية (٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>