للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

﴿إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا﴾ ثم قال: ﴿خَالِصَةً لَكَ﴾؛ (١٣٧) علم أن المخصوص في سقوط العوض الاستنكاح.

وقولهم: "إنه خص بالأمرين جميعًا"؛ فقد بينا أن قوله تعالى: ﴿خَالِصَةً﴾ بالتأنيث إنما يتوجه إليها التي هي يستمتع بها، فالعوض عنه يقع اللفظ في ذلك، فدل على أنه إذا احتمل ما نقول؛ كان أكثر للفائدة؛ لأننا نخصه بسقوط العوض، ونشاركه في اللفظ، فهو زيادة حكم فينا وفيه، لا نحمله على الأمرين بأمر محتمل.

وقولهم: "إن سقوط العوض لا يكون فيه تخصيص إلى آخر ما ذكروه"؛ فإننا لا نجوز إيقاع النكاح بغيره (١) باشتراط سقوط العوض، فهو مخصوص بذلك، فأما اللفظ؛ فلا فائدة في الفرق بين الألفاظ فينا وفيه، ألا ترى أننا قد ساويناه في [ألفاظ] (٢) الطلاق بالصريح والكناية، فكذلك نشاركه في ألفاظ النكاح بكل ما يقصد به النكاح.

فإن قيل: الفائدة فيما ذكرناه من تخصيصه باللفظ؛ لأن الهبة لفظ موضوع في الشرع لعقد من شرط لزومه القبض، فوجب أن لا ينعقد نكاحنا نحن.

قيل: ليس من شرط الهبة القبض، وكذلك الرهن يصح عقداهما، على أن الرهن لا يوجب التمليك مؤبدًا إذا أطلق، ولفظ الهبة يوجب التمليك مؤبدًا إذا أطلق، فأشبه لفظ النكاح.

فإن قيل: لا فرق بين الهبة والرهن؛ لأن الهبة وإن كان فيها تمليك؛


(١) أي بغير لفظ الهبة.
(٢) في الأصل: الألفاظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>