للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فليس التمليك في الهبة من جنس التمليك في النكاح، فكانت هي والرهن سواء في عقد النكاح، ألا ترى أن الهبة لما لم يكن فيها التمليك الذي في البيع كالرهن في أنه لا ينعقد به البيع.

قيل: قد يحصل في الهبة من التمليك مثل ما يحصل في النكاح، ألا أنه لو وهب له منافع الدار مدة؛ لصحت الهبة، ولو وهب لعوض بلفظ (١٣٨) الهبة؛ لكانت هبة الثواب عندنا صحيحة.

وعلى أحد قولي الشافعي فهو لفظ يحصل به التمليك كالبيع، وقد قلنا: إن الهبة توجب التمليك مؤبدًا إذا أطلقت، فهي كلفظ النكاح، والرهن فليس فيه تمليك الشيء أصلًا، وإنما يفيد حق الوثيقة.

فإن قيل: فما تقول في لفظ "أبحتك".

قيل: قد قال أصحابنا (١): إنهم إن قصدوا به النكاح والعوض والتمليك مطلقًا؛ فإنه يصح.

ويجوز أن يحترز من هذا فنقول: لفظ الهبة عقد يوجب التمليك مؤبدًا إذا أطلق، فهو كالنكاح، [و] (٢) لفظ البيع مثله، ولا يلزم عليه الإباحة؛ لأنها ليست بعقد.

فإن قيل: فإنه لفظ لا يتضمن العوض، فوجب أن لا ينعقد به النكاح


(١) ونقل كلام ابن القصار القاضي عياض في الإكمال (٤/ ٥٨٣)، وبه تعلم أن قول ابن عبد البر في التمهيد (١٤/ ١١٤ - ١١٥): "وقد أجمعوا أن النكاح لا ينعقد بقوله: أبحت لك، وقد أحللت لك"؛ فيه نظر، والله أعلم.
(٢) ساقطة من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>