للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والجواب عن الثالث: هو أن العبد مخير بين ملك اليمين وبين نكاح واحدة؛ لأنه عندنا يملك ويطأ بملك اليمين بغير إذن سيده، وليس سيده مخيرًا (١٤٨) بين ذلك؛ لأننا وإن قلنا: إن السيد يُجبِر عبده على النكاح؛ فليس له أن يجبره على أن يملك، أو يطأ بملك اليمين.

فإن قيل: فإن قوله تعالى: ﴿مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ أي ما أحل لكم، فبيّنوا أن ذلك حلال للعبد حتى يدخل تحت الأمر (١).

قيل: عنه جوابان:

أحدهما: أن الآية مفتتحة بذكر الناس، والعبد من جملة الناس، فقوله تعالى: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ﴾ لم يخص حرًا من عبد، فما توجه إلى الحر؛ فمثله إلى العبد.

والثاني: أن أمره تعالى بالنكاح لا يكون أمرًا إلا بما يحل، فقوله: ﴿مَا طَابَ لَكُمْ﴾ أي ما تستطيبونه، ولو أراد ما قلتم؛ لكان تقديره: "النكاح حلال فانكحوا ما حل لكم"، وهذا لغو من الكلام.

فإن قيل: المراد بالآية الأحرار؛ لأن نفقة زوجة العبد على السيد وهو المطالب.

قيل: بل النفقة على العبد من فوائد تطرأ له من مكاسبه (٢)، لا من مال سيده.


(١) لأنه إنما يتناول إنسانًا متى طابت نفسه إلى امرأة قدر على نكاحها، والعبد ليس كذلك؛ لأنه لا يجوز له النكاح إلا بإذن سيده. تكملة المجموع (١٩/ ٤٣٣).
(٢) تقدمت هذه المسألة (٥/ ٤٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>