للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فدل على ما ذكرناه.

قيل: إنما يثبت الإجماع بأحد أمرين: إما أن يعلم أن القول قول للجماعة (١)، أو أن يظهر وينتشر القول من بعضهم فيما بينهم، وينقرض العصر عليه، فيصير كالإجماع (٢) وإن كنا نخالف في هذا، ويختلف الفقهاء فيه، ولسنا نعلم أن هذا قول جماعتهم، ولا أنه انتشر فيما بينهم حتى لا يحصل فيه مخالف، وانقرض العصر عليه، وكيف يكون كذلك ومذهب أهل المدينة [على خلافه] (٣).

ويجوز أن تتأول أقاويلهم أن هذا على طريق الاستحباب في أن لا يزيد على ثنتين، والكراهية للزيادة بدليل، كما يعمل فما يروى عن النبي ، وهذا ممكن.

فإن قيل: فإنه أمر ذو عدد يبنى على التفضيل، فوجب أن لا يستأذن


(١) وهذا الإجماع المحتج به اتفاقًا.
(٢) وهو ما يسمى بالإجماع السكوتي، واختلف فيه إذا لم يظهر على الساكتين شيء سوى السكوت على ثلاثة مذاهب: الأول: أنه ليس بإجماع ولا حجة، وبه قال الغزالي وغيره، والثاني: أنه إجماع بعد انقراض العصر، وبه قال الإمام أحمد، وهو أحد الوجهين عند الشافعية، وهو الذي رجحه المؤلف هنا والثالث: أنه حجة وليس إجماعًا، وذهب إليه أبو هاشم بن أبي علي، وهو المشهور عند الشافعية.
وإليه أشار صاحب المراقي بقوله:
وجعل من سكت مثل من أقر … فيه خلاف بينهم قد اشتهر
فالاحتجاج بالسكوتي نمى … تفريعه عليه من تقدما
وهو بفقد السخط والضد حري … مع مضي مهلة للنظر
انظر نثر الورود (٢٩٠ - ٢٩١) والإبهاج في شرح المنهاج (٢/ ١٣٥٩ - ١٣٦٢).
(٣) ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>