للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قامت الدلالة على أنه لو لم يحتلم ولم ينبت وبلغ تسع عشرة سنة؛ كان بالغًا؛ لأن الاحتلام قد يختلف في الناس، فمنهم من يحتلم لاثنتي عشر سنة، ومنهم من يحتلم لأكثر منها، كما أن الإنبات يختلف فيهم، فقد ينبت من سنه هذا القدر، وينبت من سنه أكثر من ذلك.

وقوله : "رفع القلم عنه حتى يحتلم" (١)، فيكون احتلامه قبل إنباته، ويرتفع عنه القلم حتى ينبت إذا كان إنباته قبل احتلامه؛ لأن الحالين يختلف في الناس (٢).

فإن قيل: فإن خروج الشعر يختلف باختلاف حال الصبي في موضع عانته، كما يختلف ذلك بأحوال سائر بدنه، فلما لم يكن ذلك دلالة في أحد الأمرين على البلوغ؛ فكذلك الآخر.

ولأن شعر الوجه أدل على البلوغ من غيره، فإن لم يقع به استدلال لاختلاف أحوال الصبيان فيه؛ فما سواه أولى بذلك.

قيل: قولكم: "إن خروج الشعر يختلف باختلاف حال الصبيان"؛ فإننا نقول مثله في الاحتلام، فإنه يختلف باختلاف حال الصبيان، وقد جعل دليلًا على البلوغ، وأما سائر بدنه؛ فإنه يفارق موضع الإنبات؛ لأن الذكر نفسه منه يكون الاحتلام، فله اختصاص من سائر الأعضاء، فلا يمتنع أن يكون الشعر عليه (٤) وعلى ما قاربه مخصوصًا من بين سائر الشعر على البدن، فكيف


(١) تقدم (٦/ ١٣).
(٢) فمراده بالحديث حتى يخرج عن الصبي، فعبر عن البلوغ بنوع مما يقع به أو يدل عليه؛ بدليل أنه لم يذكر السن. شرح الرسالة للقاضي عبد الوهاب (١/ ٢٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>