للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فهو نكرة في إثبات شائع على البدل، وأي رشد حصل (١) منهم؛ وجب أن تدفع إليهم أموالهم (٢١) إلا أن يقوم دليل.

وأيضًا فإن الفسق لا يوجب الحجر، والدليل على ذلك أنه قد حمل إلى رسول الله من شرب خمرًا فحده، ومن سرق فقطعه، ومن زنا فأقام عليه الحد، وكذلك من قذف، ثم إلى الصحابة رحمة الله عليهم، وهم الأئمة من بعده، فلم ينقل أنه ولا واحدًا منهم حجر على أحد ممن أقيم عليه الحد، مع فسق من حد منهم، فلو وجب الحجر؛ لحجروا وسألوا عن أقوالهم وأظهره، وكان نقله يستفيض لأنه حكم عظيم، فإذا لم يحجر على الفاسق - وإن طرأ فسقه -؛ لم يحجر على البالغ لأجل فسقه.

وأيضًا فلو كان الفسق يوجب الحجر؛ لكان الكفر - الذي هو أعظم المعاصي وأبلغ في الفسق - أولى بذلك، فإذا كان أعظم المعاصي وما هو أبلغ في الفسق لا يوجب حجرًا في المال؛ فما هو دونه أولى بذلك.

وإذا ثبت بما ذكرناه أن الفسق الطارئ لا يوجب الحجر؛ وجب أن يكون الأصل كذلك، ألا ترى أن الجنون لما أوجب الحجر إذا طرأ؛ كان كذلك إذا بلغ وهو مجنون، ومثله الرق وما كان من سائر الصفات التي لا يتعلق بها الحجر إذا كانت في حال البلوغ موجودة؛ لم يوجبه إذا طرأت؛ لأن الخلاف فيمن تقدم حصل من وجهين، فمنهم من اعتبر التبذير والسعة، ومنهم من لا يعتبر ذلك، فأما عدالة الدين؛ فلم يعتبرها أحد، فكان اعتباره يؤدي إلى مخالفة الإجماع (٢).


(١) لكن هذا يخالف ما قرره في (٦/ ٢٦) أن المراد هنا كل الرشد لا أي رشد.
(٢) لأنه إحداث قول ثالث في المسألة وانظر ما تقدم (٢/ ١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>