للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى في قصة لوط: ﴿هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ﴾ (١).

قيل: إن قوله تعالى: ﴿فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا﴾ نكرة في إثبات، ولم يرد كل الرشد، ولو أراده؛ لقال: "فإن آنستم منهم الرشد"، وإذا قيل "رجل رشيد"؛ اقتضى أن يكون رشيدًا في كل أموره، فقول لوط : ﴿أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ﴾ (٢) أراد الكمال من جميع وجوه الرشد.

فإن قيل: فإن الآية تقتضي أن الاختبار يقع قبل البلوغ؛ لأنه قال: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ﴾، و"حتى" لانتهاء الغاية، فاقتضى ذلك أن الاختبار قبل البلوغ، ولا يقول أحد: إن الاختبار قبل البلوغ؛ إلا من يقول: إن صلاح الدين والمال شرط، لأنه يقول: يختبر في ذلك قبل البلوغ، فإذا بلغ (٢٣) وهو على هذه الصفة؛ رفع الحجر عنه، وإذا ثبت أن الاختبار قبل البلوغ؛ ثبت ما قلناه.

قيل: نحن نقول: إنه يختبر قبل البلوغ في النظر في ماله فلا يحتاج إلى العدالة.

فإن قيل: فإنه بلغ غير رشيد في دينه، فوجب أن لا يسلم إليه ماله، أصله إذا بلغ مجنونًا وكان مبذرًا لماله، فاسقًا في دينه.

قيل: المجنون غير مكلف، لا يصح منه التصرف في ماله، والمبذر الفاسق غير رشيد أصلًا، وهو الأصل الذي يوجب الحجر، وإذا كان ضابطًا


(١) سورة هود، الآية (٧٨).
(٢) سورة هود، الآية (٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>