للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حجر الحاكم، أصله الجنون، والصغر، والرق.

قيل: الجنون والصغر والرق ظاهره يعلم بالمشاهدة، ومسألتنا تحتاج أن تثبت بالاختبار ومعرفة العادة من الفاعل، وهي أمور ربما كتمت فيحتاج إلى ثبوتها عند الحاكم، واجتهاده فيها.

فإن قيل: فإن خبر عبد الله بن جعفر؛ لا حجة فيه؛ لأنه لو كان ما فعله يوجب حجرًا عليه؛ لكان قد لزم عثمان حق الله تعالى، فكان لا يجوز إسقاطه عن نفسه بمشاركته للزبير، ولا كان يسوغ للزبير أن يفعله، فكان [اتفاقهما] (١) على ذلك دلالة أنهما لا يريان الحجر.

ولو كان أيضًا عبد الله اشترى بما لا يتغابن الناس بمثله؛ لكان الحجر مستحقًا عليه وعلى الزبير جميعًا، وامتناع عثمان من ذلك دلالة على أنه ليس بحق الله تعالى (٢).

قيل: إنه يجوز أن يكون عبد الله اشترى بما فيه تفاوت، فلما شاركه الزبير؛ صار التفاوت بينهما، فدخل على كل واحد منهما من الغبن ما يتغابن الناس بمثله، فزال معنى الحجر، وهي فعلة واحدة مبتدأة من عبد الله، وكان عند علي أن من فعل هذا - ولو مرة - استحق الحجر، غير أن المعنى في هذه المرة قد زال بمشاركة الزبير، ولو أقام عبد الله عليها؛ لحجر، ولكنه زال بمشارك الزبير، فلم يقع الحجر.

فإن قيل: فقد اختار عثمان الأرض التي ابتاعها عبد الله بستين


(١) في الأصل: اتفاقهم.
(٢) انظر التجريد (٦/ ٢٩٣٢ - ٢٩٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>