وأيضًا فإن الطلاق والخلع حظ له بكل حال، وذلك أنه إن طلق قبل الدخول؛ استفاد نصف الصداق، وإن طلق بعد الدخول؛ أسقط عن نفسه النفقة، والكسوة، وغير ذلك، وإن خالع؛ استفاد عوض الذي يأخذه، وإذا كان ذلك حظًّا له بكل وجه؛ كان له فعله؛ لأنه (٤٢) إنما يمنع مما لا حظ فيه له، أو من جنس يكون له فيه الحظ تارة، ولا يكون له حظ فيها أخرى.
وأيضًا فإن البضع ليس بمال، ولا يجري مجرى المال؛ بدليل أن العبد يطلق ويخالع، فلو كان ذلك مالًا؛ لم يكن له ذلك، ولا يزيل ملكه كما لا يزيله عن المال إلا بإذن سيده.
وأيضًا فإنه لا يوهب ولا يورث، فثبت أنه ليس بمال، فلا يمنع السفيه، ألا ترى أن إقراره على نفسه لما لم يكن مالًا ولا يجري مجرى المال؛ قبل قوله، وقد فسد قولهم: إنه يجري مجرى المال بما ذكرناه.
فأما الشاهدان على رجل بالطلاق؛ فإن كان بعد الدخول؛ لم يلزمهما شيء من الصداق، إذا رجعا؛ لأن الصداق كله مستحق على الرجوع، فلم يتلفا عليه شيئًا من الصداق، وإن كان قبل الدخول؛ فلم يلزمهما لأجل أنه مال، قال: وإنما لزمهما لأجل ما أتلفاه بشهادتهما، ألا ترى أنهما لو شهدا على رجل بقتل، فقتل، ثم رجعا وقالا: أخطأنا؛ لزمهما ضمان الدية، ولم يكن ما شهد فيه مالًا، وإنما ضمنا لأجل ما حصل من الإتلاف بشهادتهما. والله أعلم.