(٢) في الأصل: قال. (٣) قال الجصاص: "فإن قيل: فما الفرق بين رزق القاضي والعامل، وبين أخذ ولي اليتيم من ماله مقدار الكفاية، وبين أخذ الأجرة؟ قيل له: إن الرزق ليس بأجرة لشيء، وإنما هو شيء جعله الله له ولكل من قام بشيء من أمور المسلمين، ألا ترى أن الفقهاء لهم أخذ الأرزاق ولم يعملوا شيئًا يجوز أخذ الأجرة عليه؟ لأن اشتغالهم بالفتيا وتفقيه الناس فرض، ولا جائز لأحد أخذ الأجرة على الفروض، والمقاتلة وذريتها يأخذون الأرزاق وليست بأجرة، وكذلك الخلفاء، وقد كان للنبي ﷺ سهم من الخمس والفيء، وسهم من الغنيمة إذا حضر القتال، وغير جائز لأحد أن يقول: إن النبي ﷺ قد كان يأخذ الأجر على شيء مما يقوم به من أمور الدين، وكيف يجوز ذلك مع قول الله تعالى: ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ﴾ و ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ فثبت بذلك أن الرزق ليس بأجرة، ويدلك على هذا أنه قد تجب للفقراء والمساكين والأيتام في بيت المال حقوق ولا يأخذونها بدلًا من شيء، فأخذ الأجرة للقاضي ولمن قام بشيء من أمور الدين غير جائز، وقد منع القاضي أن يقبل الهدية" أحكام القرآن (٢/ ٨٥ - ٨٦) وانظر ما تقدم في كتاب الصلاة (٤/ ٦٣).