للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله يقوم بأموركم، وينوب عنكم، وإنه من المسلمين كولي اليتيم من اليتيم، فقدروا له كل يوم درهمين وأربعة دوانيق" (١).

ففيه دليلان:

أحدهما أنه لو لم يجز لولي اليتيم أن يأخذ من ماله شيئًا؛ لم يقع التشبيه به موضعه.

والدليل الآخر: هو أنهم قدروا له درهمين وأربعة دوانيق كل يوم، وفي جملة المسلمين الأيتام والمجانين.

فإن قيل: فإن التشبيه بعمال الصدقات؛ غير صحيح؛ لأن أولئك يأخذون بإذن الإمام (٢).

وما ذكرتموه من حال الإمام؛ فإننا نقول: إن بيت مال المسلمين محفوظ لمصالحهم ومنافعهم، فأقل الأحوال أن يكون الإمام كواحد منهم.


(١) أخرجه البخاري (٢٠٧٠) عن عائشة قالت: "لما استخلف أبو بكر الصديق قال: لقد علم قومي أن حرفتي لم تكن تعجز عن مؤونة أهلي، وشغلت بأمر المسلمين، فسيأكل آل أبي بكر من هذا المال وأحترف للمسلمين فيه".
وأخرجه ابن سعد في الطبقات (٣/ ١٥٨) بلفظ: "لما استخلف أبو بكر أصبح غاديًا إلى السوق على رأسه أثواب يتّجر بها، فلقيه عمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح فقال: كيف تصنع هذا وقد وُلّيت أمر المسلمين؟ قال: فمن أين أطعم عيالي؟ قالوا: نفرض لك، ففرضوا له كل يوم شطر شاة.
وبنحو هذا أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (١٠/ ١٠٧) وقال الحافظ ابن حجر في إسناد ابن سعد: "إسناد مرسل رجاله ثقات". الفتح (٦/ ٩٢).
(٢) وأيضًا فإنهم لما لم يمنعوا من أخذ الأجرة مع الغنى؛ لم يمنعوا مع الفقر، ولما كان الوصي لا يجوز له أخذ الأجرة مع الغنى؛ كذلك الفقر. التجريد (٦/ ٢٩٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>