للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قصة أبي بكر؛ فلا يلزم؛ لأنه إنما شبهه (٤١) بولي اليتيم في قيامه بأمور المسلمين، ولم يقل عمر: يجب أن يفرض له كما يفرض لولي اليتيم.

وعلى أنه دلالة عليكم؛ لأن عمر شبهه بولي اليتيم في أنه يحتاج أن يفرض له ويقدر، ولم يقل: هو مستحق لذلك من غير فرض المسلمين له، فكذلك في ولي اليتيم لا يستحق أن يفرض الغير له، وهذا هو الذي يقتضيه الكلام في حقيقته.

قيل: أما عمال الصدقات؛ فإن الله تعالى جعل لهم ذلك، فنبه على كل من عمل شيئًا ينوب فيه عن غيره مما فيه مصلحته؛ فإنه يجوز له أن يأخذ العوض، وإن كان الاستحباب لهم أن يتطوعوا، فلو أنفذ الإمام عمال الصدقات ولم يقل لهم خذوا [أجرا] (١)؛ لجاز لهم أن يأخذوه إذا لم يتطوعوا بتركه، والله تعالى قد قال في والي اليتيم: ﴿وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ (٢)، فندب الغني إلى التطوع بالنظر، وأباحه إن كان فقيرًا أن يأكل بالمعروف (٣)، كما جعل الله تعالى لعمال الصدقات، وإن كانوا


(١) في الأصل: أحدا.
(٢) سورة النساء، الآية (٦).
(٣) اختلف السلف في هذه الآية على أقوال: أحدها: ما ذكره المصنف.
والثاني: أنه لا يأكل من مال اليتيم شيئًا بحال، وهذه الرخصة في قوله تعالى: ﴿فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ منسوخة بقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا﴾.
الثالث: أن المراد به اليتيم، وإذا كان فقيرًا؛ أنفق عليه واليه بقدر فقره من مال اليتيم، وإن كان غنيًّا؛ أنفق عليه بقدر غناه، ولم يكن للولي فيه شيء.
والرابع: أن المعروف شربه اللبن وركوبه الظهر غير مضر بنسل، ولا ناهك في حلب. انظر أحكام القرآن لابن العربي (١/ ٤٢٢ - ٤٢٣) وأحكام القرآن للجصاص (٢/ ٨١ - ٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>