للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أغنياء؛ استحببنا لهم أن يتطوعوا، فإن أخذوا الأجرة؛ جاز.

وقولكم في الإمام: "إن بيت المال محفوظ لمصالح المسلمين؛ فأقل الأحوال أن يكون كواحد منهم"؛ فإننا نقول: هو كواحد منهم، ولكنه هو ذا يستند بزيادة عليهم؛ وهو ما يأخذه لأجل نظره وقيامه بمصالحهم.

وقولكم: "إن عمر شبه أبا بكر الصديق - رحمة الله عليهما - بولي اليتيم في النظر في أمورهم، والقيام بمصالحهم، وأنه لم يقل: يجب أن يفرض له، وأيضًا فإنه شبهه بوالي اليتيم فإنه يحتاج أن يفرض له ويقدر، ولم يقل هو مستحق لذلك من غير فرض"؛ فإننا نقول: هو تخصيص للتشبيه، وعمر لم (٤٥) يخصص، وإنما شبهه بوالي اليتيم عمومًا في النظر وأخذ الرزق، وإنما التقدير لوالي اليتيم؛ فليس يحتاج إلى تقدير الإمام، ولا إلى فرضه له؛ لأن الله تعالى قد قال: ﴿وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ (١).

وهذا كقوله تعالى: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ (٢).

وإنما لا يحتاج إلى تقدير الإمام لأنه قد يأكل ويأخذ أقل من إجارة مثله وقد رضي بذلك، فإن طلب التقدير والفرض؛ جاز أن يقدر له، ويفرض إجارة مثله إذا عمل، أو يدخل على مقدر مفروض قبل نظره.

فإن قيل: فإن الوصي تصرف بأمر سابق؛ فأشبه الوكيل، فلما لم يكن للوكيل الانتفاع بما وكل فيه؛ فكذلك الوصي.


(١) سورة النساء، الآية (٦).
(٢) سورة البقرة، الآية (٢٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>