للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحلال؛ لبطل الصلح على الإقرار؛ لأن المدعي قد كانت له المطالبة بجميع حقه الذي أقر به المدعى عليه وأن يستوفيه، فلما صالح؛ حرم عليه ما كان له حلالًا؛ لأن كل صلح حرم حلالًا؛ فهو باطل، وكل صلح أحل حرامًا؛ فهو باطل، وقد أحل أيضًا الصلح على الإقرار ما (٤٩) كان حرامًا على المقر من منعه باقي ما أقر به؛ لأن الصلح لما حصل؛ جاز له أن يمنع الباقي بعد أن لم يكن له منعه، فإذا جاز الصلح على الإقرار - وفيه المعنى الذي ذكرتموه -؛ علمنا أنه لم يرد بالصلح الذي يحل الحرام ويحرم الحلال ما ذكرتموه، وإنما أراد أنه لا يجوز الصلح على خمر أو خنزير، فيكون قد أحل هذا الحرام، وأن يصالحه على شيء ويشترط عليه أن لا [يبيعه] (١) فيحرم عليه، فصلحه الحلال من البيع.

وعلى أن قوله : "إلا صلحًا أحل حرامًا" (٢) يفيد ما أطلق فيه اسم التحريم، فأما ما يسوغ فيه الاجتهاد؛ فلا يقال: إنه محرم على الإطلاق، وإنما يقال: هو محرم عند زيد وفي اجتهاده.

ولأن النبي إنما يطلق اسم التحريم حكاية على تحريم سابق فيما كان منصوصًا عليه في القرآن، وأما ما فوض فيه الاجتهاد، ويسوغ لهم القول فيه؛ فغير جائز أن نسميه محرمًا ونطلق التحريم في ذلك.

وعلى أن ما ذكرتموه يبطل نفس الخبر؛ لأن قوله: "الصلح جائز بين المسلمين"؛ قد فهم منه جواز الصلح على مال الغير، فلو كان المراد بالتحريم أخذ مال يستبيحه بالصلح؛ لكان قد نفى ما أثبته، وهذا غير جائز، فعلم أن


(١) بالأصل: يتبعه، وهو خطأ.
(٢) هو الحديث قبله.

<<  <  ج: ص:  >  >>