وأيضًا فإن الصلح يقصد به إسقاط الحق والبراءة؛ بدليل أنه يقع على دون حقه على ما جرت به العادة، فما قصد به إسقاط الحقوق؛ لا يؤثر فيه الجحود، أصله من أعتق عبدًا يجحده الرق لم يعترف به؛ أن ذلك العتق نافذ.
وأيضًا فقد يجوز أن يكون المدعي صادقًا فيما ادعاه، فيكون الصلح واقعًا عن مال يحكم ببطلانه فجاز مثل الصلح على الإقرار، ألا ترى (٥٠) أن المقر يجوز أن يكون صادقًا فيما يقر به، ويجوز أن يكون كاذبًا، غير أنا لما لم نحكم ببطلان إقراره بالمال؛ جاز صلحه.
وأيضًا فإن الصلح سبب لإسقاط الخصومة؛ فجاز مع الإنكار، كالاستحلاف.
وأيضًا فلو وهب له ما ادعاه عليه؛ صحت هبته، بدليل أن المدعى عليه لو أقر بعد ذلك بالمال؛ لسلم له، وكل ما تعلق الحكم بهبته؛ جاز الصلح عنه، أصله الدين يقر به.
وأيضًا فإن هذا العقد سمي في الشرع صلحًا، فجاز وإن لم يكن من جهة كل واحد منهما مال، أصله الصلح من دم العمد.
وأيضًا فإن اليمين التي تَثبت للمدعي على المدعى عليه حق ثابت يجوز أن يؤدي سقوطه إلى استحقاق المال، مثل أن يَنكُل (١) عن اليمين ويردها على المدعي، فجاز أن يؤخذ عنه المال على وجه الصلح لإسقاطه