للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: هذا يفسد بلابس القميص وراكب الدابة، والآخر واقف بجنبه ممسك قميصه أو لجام الدابة، فإن الراكب واللابس أحق، وإن كان ذلك يحدث بعد الفراغ من القميص وبعد حصول الدابة، ووقوف الآخر إلى جنب الحائط كوقوف المدعي بحضرة الثوب الملبوس والدابة؛ فلا تقبل دعواه (١).

وأيضًا فإن المعتبر في الأصول التصرف الظاهر في حال الدعوى، فأما أن يعتبر كونه حادثًا أو أصليًا؛ فلا يجوز؛ بدليل أن المتصرف في سائر ما في يد الإنسان تصرفه حادث.

ولا يلزم على هذا نقش الحائط وتزاويقه ووجه البناء من غير أحدهما، لأن الحائط لا يبنى لينقش وإن فعل ذلك لأمر حادث، وبناؤه لوضع الجذوع عليه أمر معتاد.

ويجوز أن تبنى المسألة على أن الراكب للدابة، والمتعلق بلجامها، ولابس الثوب، والمتعلق بطرف كمه؛ متى تنازعا؛ [فأظهرهما] (٢) تصرفا أولى.


(١) وهذا إنما بتوجه على من قال: إن الراكب أحق، وهم جمهور الشافعية، وذهب أبو إسحاق المروزي: أنهما في الدابة سواء، تكون بينهما نصفين، فعلى هذا يسقط الاستدلال به.
وأما على المذهب الأول؛ فالفرق بين ذلك وبين وضع الجذوع وتركيبها على الحائط من وجهين: أحدهما: أن الإجماع مانع من ركوب دابة الإنسان إلا بإذنه، فجاز أن يكون ركوبها دليلًا على ملكه، والخلاف منتشر في أن للإنسان أن يضع أجذاعه جبرًا في حائط غيره، فلم يكن وضعها دليلًا على ملكه.
والثاني: أن الركوب لما كان تصرفًا لا يختلف حكمه بين وجوده في الملك وغير الملك؛ جاز أن يكون دليلًا على الملك. انظر الحاوي الكبير (٦/ ٣٩٠).
(٢) في الأصل: وأظهرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>