وأما قوله: ضمنت لك بعض ما علي لزيد؛ فيصح، ويقال له: ما أردت بالبعض عند القضاء.
ويلزم على قولنا رهن المجهول، وأنه وثيقة كالضمان، لأن رهن المجهول يجوز عندنا كضمان المجهول، وقد ذكرناه في كتاب الرهون (١).
فإن قيل: فإن ضمان الدرك هو ضمان معلوم؛ يضمن المعلوم، وهو ضمان ما وجب، لأنه إذا استحقت؛ تبينا أن رد الثمن كان واجبا حين الضمان، وليس في هذا الضمان أكثر من أن الاستحقاق ربما وقع لبعض المبيع، فلزم الضامن بعض ما كان ضمنه، وذلك لا يخرج ما ضمن في حال العقد أن يكون معلوما، ألا أنه تري لو أقر بحق لإنسان فضمنه رجل؛ جاز ضمانه؛ وإن أمكن أن يكون المقر له يدعي بعض ذلك ولا يدعيه كله، فيسقط عن الضامن بعض ما كان ضمنه، وذلك لم يخرج المضمون عن أن يكون معلوما حال الضمان.
قيل: إنما يقع البيان في ثاني بعد أن كان مجهولا في حال العقد، فكذلك ضمان المجهول يصح بعقد، فإذا ثبت بالبينة مقدار الحق؛ تبينا الآن أنه كان معلوما وقت العقد، وإن لم يعلمه الضامن حين الضمان، فلا فرق بينهما. والله الموفق.